لقد رحّبنا سابقا بتعيين السيّد لطفي بن جدّو وزيرا للدّاخلية ظنّا منّا أنّ قاضي التحقيق السّابق لدى المحكمة الإبتدائية بالقصرين أيّام الثورة و وكيل الجمهورية السابق بالمدينة و المشهود له سابقا بالنزاهة و الشجاعة الأدبية سيقوم بإصلاحات فعلية صلب المؤسسة الأمنية التي تعتبر نظرا لهيكلية الإدارة التونسية و لرواسب فترة حكم بن علي الوزارة السيادية بإمتياز و مركز السيطرة و التحكم في تونس، لكن سرعان ما لاحظنا معالجة صورية لمكامن الخلل في وزارة الداخلية و تعيين مسؤولين دون الأخذ بعين الإعتبار عاملي الكفاءة و الخبرة بل يبدوا واضحا تغليب منطق الولاء الحزبي في التعيينات الأخيرة.
اليوم و خلال الأيام القليلة الماضية أجرى السيد بن جدّو تحويرات في وزارة الداخلية تناولتها بعض وسائل الإعلام بالتضخيم و المبالغة ممجّدة "إنجاز" السيد لطفي بن جدّو.
كنّا نتمنّى لو أقدم فعليّا وزير الداخلية على تحويرات جوهرية معيارها المقدرة المهنية و ليس الولاء الحزبي، بل كنّا نتمنّى أن يكون السيد لطفي بن جدّو هو من قام فعلا بالتحويرات لكنّ المعطيات التي بحوزتنا تشير أنّ السيّد علي لعريض لا يزال الفاعل الحقيقي صلب المؤسسة الأمنية.
لقد تمّ تعيين السيد محرز الزواري مديرا عاما للمدرسة العليا لقوات الأمن الداخلي و تمّ تعويضه في خطّة مدير عام للمصالح المختصة بالسيد عاطف العمراني الذي كان يشغل قبل الثورة وبعدها مهمّة رئيس مصلحة الإرشاد في إقليم صفاقس إلى حدود سبتمبر 2012، جدير بالذكر أنّ السيّد العمراني كان حسب شهادات متطابقة يتمتّع بسمعة سيّئة في صفاقس حيث كان متخصّصا في قمع المعارضة الديمقراطية، إثر ذلك تمّ تعيينه رئيسا لمنطقة باب بحر ثمّ مديرا للإستعلامات من طرف السيد الطاهر البوبحري المكلف بمهمة في ديوان وزيري الداخلية علي لعريض و لطفي بن جدّوا ظاهرا إذ يُعتبر السيد البوبحري في الحقيقة وزير الداخلية الفعليّ. من جهة أخرى فقد تمّ إلحاق السيد رياض بلطيف بإدارة التعاون الخارجي و تعيين السيد ياسين التايب مديرا عامّا للتكوين.
يُضاف إلى تعيينات اليوم ما سبق من تحويرات خلال الأيّام الماضية حيث تمّ تعيين السيد سمير العلّاقي مديرا عاما للإدارة المركزية لمقاومة الإرهاب عوض السيد عادل العرفاوي علما أنّ السيد العلّاقي هو صهر السيد الزواري و إبن عمّ زوجته. فضلا عن ذلك فإنّ المدير العام للمصالح المشتركة (الإدارة التي تتحكّم بالمسيرة المهنية للأمنيين) هو السيد حمزة بن عويشة و هو أيضا صهر السيد محرز الزواري يضاف إلى ذلك أنّ المدير العام للأمن العمومي السيد مصطفى بن عمر هو إبن جهة السيد محرز الزواري.
نلاحظ إذا أنّ السيد محرز الزواري بقي مديرا عامّا و أنّه عيّن قبل نقلته أقربائه في مناصب مفصلية صلب وزارة الداخلية ممّا يُشير بأنّ تغيير التشكيلة على رقعة الشطرنج الحالية تمّ من نفس الطرف الذي رتّب بيادقها في الأوّل بطريقة مختلّة أدّت إلى إضعاف الأمن القومي للبلاد. ندعوا ختاما السيد لطفي بن جدّو للإستقالة كي يخرج من منصبه بأخفّ الأضرار و ليحافظ على ما تبقّى من سمعت هو كي يبقى إسمه في أذهان الناس مقترنا جزئيّا بقاضي التحقيق إبن حيّ الزهور في القصرين و الذي تحدّى يوما ما ضبّاط بن علي، كما ندعوا النقابات الأمنية و الرأي العام التونسي للتصدّي إلى محاولات التوظيف السياسي للمؤسسة الأمنية.
رمزي بالطيبي (صحفي إستقصائي)
الطيب العقيلي (المبادرة من أجل الكشف عن الحقيقة حول إغتيال شكري بلعيد)