أخر الاخبار

القيروان: ضحايا التعذيب يطالبون بمحاسبة جلاديهم


عيّنة من الممارسات القمعيّة وشهادات حيّة عن التعذيب قبل الثورة. روايات مختلفة ودعوات إلى المصارحة قبل المصالحة والمحاسبة في اطار العدالة الانتقاليّة لتجنب تكرار عودة الماضي. جاء ذلك في ندوة «التعذيب بين الأمس واليوم في علاقة بالعدالة الانتقاليّة».
والتي نظمها المجلس الوطني للحريات فرع القيروان. وحضرها حقوقيّون وسجناء رأي سابقين وممثلين عن الأحزاب والجمعيّات. والتي تزامنت مع الاحتفال بذكرى ثورة 17 ديسمبر 2010. وأشرفت على هذه التظاهرة الحقوقية سهام بن سدرين.  

بداية الندوة مع شريط حول موضوع التعذيب في تونس قبل الثورة وبعدها، تضمن شهادات عن التعذيب قبل الثورة وعن الجلادين وظهر فيها حقوقيون ومناضلون قدموا شهادات ضد قادة سياسيين وأمنيين اشرفوا على تعذيب المعارضين والحقوقيين.

مثل الشريط منطلقا للنقاش حول آليات المحاسبة من أجل منع عودة الماضي القمعي. وقالت سهام بن سدرين إنّ مبدا الدفاع عن حقوق الإنسان لا يتجزأ وانه يشمل جميع الأطياف الفكرية.

وان التعذيب يهين كل من يسكت عنه ولا يشرف الإنسانية. وأشارت إلى مشاركة عديد الاطراف في التعذيب ومنهم أطباء. واعتبرت مشاركة الاطباء أمرا مخجلا. وقالت ان من يشاهد عملية تعذيب ويسكت عنها هو مذنب في حق المتضررين (ميثاق الأطباء)، وقالت ان بعض الأسماء لأطباء ثبتت مشاركتهم في التعذيب منشورة، واعتبرتهم خانوا مهنتهم.

وأشارت إلى ملاحظة يتم تكريسها بعد الثورة هو إيقاف المسؤولين الصغار الذين شاركوا في التعذيب، في حين انه لا يتم إيقاف الكبار منهم (قدمت اسم القلال والقنزوعي والنصري) الذين خرجوا بلا محاسبة. وقالت انه تم احصاء حوالي 33 حالة موت تحت التعذيب بين سنوات 91 و93.
 وقالت ان الطب الشرعي شهد لفائدة الجلادين كونهم توفوا وفاة طبيعية. واعتبرت انه من المؤسف عدم ايقاف اكبر رموز التعذيب في تونس ولم تتم محاسبتهم وتساءلت «لماذا بعد سنتين من الثورة، لماذا تباطأ النظام الشرعي المنتخب في محاسبة الجلادين»؟
 تم فتح باب التدخلات والشهادات عن التعذيب. ودعا فيصل الكعبي (جمعية الدفاع عن المساجين السياسيين) إلى ان يتحول الحديث عن حقوق الإنسان من النخبة إلى عامة الناس، من أجل أن تبذل النخبة جهدا لنشر الثقافة بين الجميع وحمل لواء حقوق الإنسان. ودعا إلى وضع الاختلافات الأيديولوجية على الطاولة. تنوعت التدخلات والمشاركات بين مختلف التوجهات الفكرية والسياسية وتحدث أحد الشبان عن استخدام النظام السابق للتعذيب من أجل السيطرة على المعارضين. ودعا إلى متابعة ملف الاطباء المتواطئين مع النظام السابق.
 وقال محمد ملاط، ان الخوف وحّد بين الجميع. وتحدث عن العنف الاجتماعي الذي خلفه عدم محاسبة الجلادين و»قمعهم للمواطنين». وتحدث عن ضرورة تدخل السلطة من اجل التحكم في جانب المصالحة كما تحدث عن غياب الكفاءة في إثارة ملفات التعذيب.
الصحبي السهيلي، أشار إلى نقطة مهمة تتعلق بالأجهزة التي ضلعت في تعذيب المواطنين، ومن بينها الحزب الحاكم سابقا (في عهد بورقيبة وبن علي) وقال إن رموز الحزب كانوا يشغلون خطة العين الرقيبة التي كانت تتتبع المناضلين وتكتب تقارير ضدهم تسببت في سجنهم. واعتبر التعذيب ثقافة وظاهرة تحولت إلى سمة. وقال ان الجلادين معروفون في القيروان ولا يزالون يتجولون بحرية وبتطاوس ويشتغلون بشكل عادي. وتساءل «اين هي المحاسبة وجريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم». من جهته تحدث محمد الهادي المستيري عن ضرورة إصلاح المنظمات الحقوقية واتهم بعضها بانها كانت تنسق مع النظام السابق.
ودعا إلى محاسبة الأشخاص المورطين في التعذيب. مشيرا إلى التباس الجانب السياسي بالتتبع العدلي من اجل جرم التعذيب. وعبر عن خوفه من تسييس قضية التعذيب، واشار إلى وجود «جلادين» في نفس القاعة التي احتضنت الندوة.
وهو ما يجعل الضحايا لا يثقون في جدية المحاسبة.  وفي حوار مع «الشروق»، قالت الأستاذة سهام بن سدرين، أن المصالحة لا يمكن أن تكون الا بعد الكشف عن الحقيقة وبعد المحاسبة وعبرت عن اسفها من عدم انطلاق المحاكمات. وقالت ان التعذيب يمارس في الوقت الحالي داخل مراكز الإيقاف وليس في السجون، وقالت ان المجلس اصدر تقريرا فيه حالات حديثة للتعذيب وبينت انها لا تقف وراءها «إرادة سياسيّة وانما بسبب غياب إصلاح المنظومة الأمنية والمنظومة القضائيّة.



جميع الحقوق محفوظة ©2016