أخر الاخبار

محامي عبد الله القلال: حصول التجمّع على تمويلات من المؤسسات العمومية تهمة يتيمة لا يعاقب عليها القانون

وافانا الأستاذ كريم حوايجية محامي السيد عبد الله القلال أمين مال حزب التجمع المنحل بالتوضيح التالي حول القضايا التي اتهم فيها منوبه والخاصة عموما بتمويل حزب التجمع وطرق التصرف المالي فيها. وبيّن الاستاذ حوايجية أن قلم التحقيق حفظ تهمة اختلاس أموال عمومية في حق السيد عبد الله القلال.



وجاء في توضيح المحامي:


انطلقت قضية ما يعرف بتمويل «التجمع» منذ شهر فيفري 2011 بشكاية تقدم بها عدد من المحامين في ظرف عام تميّز بالفوضى والارتباك وبعد ان أذنت النيابة العمومية بفتح تحقيق في الموضوع قرر وزير الداخلية آنذاك في تعد واضح على صلاحيات قاضي التحقيق المتعهد بالملف، ايقاف المنوب وغيره من المتهمين دون طلب ذلك من حاكم التحقيق وتم عرض مشهد اقتيادهم الى المحكمة مكبلي الايدي في نشرة الأخبار الرئيسية والحال ان قاضي التحقيق لم يقم باستنطاقهم بعد وهو ما أجبر هذا الأخير أمام الضغط الهائل الذي سلط عليه على إصدار بطاقات ايداع ضدهم دون توفر اي دليل يبرر ذلك ضمن أوراق الملف وانطلقت أعمال التحقيق في ظروف استثنائية للغاية.

وبالرغم من محاولة لسان الدفاع عن المتهمين منذ انطلاق القضية اقناع قلم التحقيق بعدم صحة الاجراءات التي تم اتخاذها وبضرورة الرجوع الى القانون وتحكيم مجلة الاجراءات الجزائية بعيدا عن التجاذبات السياسية وذلك بالافراج عن المتهمين الموقوفين لتجرد التهمة وخلو الملف تماما من أية أدلة إدانة الا انه رفض الاستجابة لطلبات لسان الدفاع وخيّر اجراء اختبار محاسبي ليتبيّن له الخيط الأبيض من الأسود.

وبالفعل أذن السيد قاضي التحقيق باجراء اختبار في المحاسبة بواسطة خمسة خبراء مطالبا إياهم بالتدقيق في التصرف في أموال «التجمع» طيلة فترة 23 عاما الماضية (والحال ان الجنايات تسقط بعد مضي عشر سنوات) وذلك باجراء عملية مراقبة دقيقة على مختلف الحسابات البنكية للحزب دخلا وخرجا وكذلك على الحسابات البنكية الخاصة بجميع المتهمين بمن فيهم المنوب وبعد سنة من التمحيص والتدقيق انتهى الخبراء الى حقيقة قطعية مفادها ان المنوب لم يستول على أي مليم من أموال «التجمع» أما في خصوص ما جاء بتقرير الاختبار من وجود أموال مسترابة بالحسابات البنكية للمنوب فقد أدلى هذا الأخير بمصدر تلك الأموال بكل دقة وهو ما حدا بالسيد قاضي التحقيق الى حفظ تهمة اختلاس أموال عمومية في حقه كما ان الملفت للنظر ان النيابة العمومية لم تقم باستئناف قرار الحفظ المذكور مما أغلق الباب نهائيا بخصوص هذه التهمة وأكد أن المنوّب كأمين مال للتجمع كان في مستوى الأمانة التي انيطت بعهدته ولم يستحوذ لخاصة نفسه على أموال التجمع كما يحاول البعض الايحاء به.

وعلى صعيد آخر وفي حقيقة الامر فإنه لم يتبق في ملف القضية سوى تهمتين يتيمتين وهما من جهة مسألة حصول «التجمع» على تمويلات من المؤسسات العمومية ومن جهة أخرى مسألة الحاق الموظفين بالحزب على حساب الدولة.

وما يمكن تأكيده في هذا الصدد بكل بساطة ودون تعقيد على القارئ الكريم ان هذه التهم قد تجد لها أساسا من المنظور السياسي بالنظر الى هيمنة حزب التجمع على الحياة السياسية في المرحلة السابقة أما من منظور القانون الجزائي فهي تهم مجردة متهافتة لا تصمد أمام النصوص القانونية الصريحة فأما بالنسبة الى التهمة الأولى فإن قانون الاحزاب المنطبق آنذاك (قانون 3 ماي 1988) لم يكن يمنع صراحة تمويل المؤسسات العمومية للاحزاب السياسية ويكفي الاطلاع على القانون المذكور للوقوف على هذه الحقيقة والمبدأ في القانون الجزائي هو انه لا جريمة دون نص ولا عقوبة دون نص من قانون سابق الوضع. وأما بالنسبة الى التهمة الثانية فإن الحاق الموظفين بـ«التجمع» بغض النظر عن شرعية العملية من عدمها كان يتم بناء على قرار من الوزير الاول وهو يمثل السلطة المختصة في هذا المجال والمعلوم في القانون الجزائي ان تنفيذ القرارات الصادرة عن السلط المختصة لا يشكل جريمة عملا بأحكام الفصل 42 من المجلة الجزائية.

وأمام هشاشة الملف من الناحية القانونية وعدم جدية التهم الموجهة الى المنوب وغيره كان من المتحتم على قلم التحقيق تطبيق القانون وذلك بالافراج الفوري عن المتهمين الموقوفين لأن الأصل في الاجراءات هو الحرية والاستثناء هو الايقاف الا ان هذا الأخير وأمام اقتراب انتهاء أمد الايقاف التحفظي سارع في ختم البحث وإحالة المنوب وغيره امام دائرة الاتهام من أجل تهمة المشاركة في جريمة استغلال الصفة للاضرار بالإدارة موضوع الفصل 96 من المجلة الجزائية وذلك بعد ان قرر تفكيك الملف وتقسيم القضية الى قضيتين في إجراء مفاجئ ومخالف لقواعد التفكيك لا يزال يثير عدة تساؤلات حول أبعاده الحقيقية.

والغريب في الأمر أنه بعد صدور قرار ختم البحث من طرف السيد قاضي التحقيق، قررت دائرة الاتهام تأييد قراره وإحالة المتهمين أمام المحكمة الجنائية الا ان محكمة التعقيب قررت النقض والإحالة دون النظر في مستندات التعقيب التي تقدم بها محامو المتهمين وذلك بعد ان تبيّن لها أن قرار دائرة الاتهام لم يقع إمضاؤه من طرف جميع القضاة الذين أصدروه مما زاد في دهشة المتابعين لهذا الملف.

علاوة على ما تقدّم وبرجوع القضية الى دائرة الاتهام من جديد، تعهدت بها في بادئ الأمر الدائرة العاشرة الا ان هذه الأخيرة قررت بجلسة الرابع من ديسمبر الفارط التخلي عنها دون اي مبرر قانوني وإحالتها على الدائرة الثالثة عشرة التي تم إحداثها مؤخرا. هذه الأخيرة قررت بدورها بجلسة الثالث عشر من ديسمبر تأخير القضية لجلسة السابع عشر من شهر جانفي وعدم الافراج عن المتهمين الموقوفين ليتواصل الغموض حول مآل هذا الملف.

خلاصة القول، إن الخروقات القانونية التي شابت القضية منذ انطلاقها والارتباك الواضح في التعامل مع الملف الذي يتواصل الى حد هذا التاريخ، هي في الواقع مؤشرات صريحة تؤكد كلها الطابع السياسي للمحاكمة وتطرح أسئلة جدية حول إمكانية احترام شروط المحاكمة العادلة في مثل هذه الملفات وتبعث على الحيرة حول مآل المتهمين لاسيما المنوّب الموقوف على ذمة هذه القضية منذ أكثر من واحد وعشرين شهرا.







جميع الحقوق محفوظة ©2016